السبت، أغسطس 19، 2017

أحمد الراجحي يكتب ..لماذا نعيد اختراع العجلة ؟!

حبا الله مصر بمميزات ندر وجودها فى بلاد أخرى ..  موقع جغرافى فريد و تركيبه جيولوجيه واعدة وشباب واعى قابل للتعليم. إذا إستغلت هذه المميزات واحسن ادارتها فهى كفيله أن تجعل مصر مركز الابداع التعدينى فى العالم, وسيصبح التعدين المكون الرئيسى للاقتصاد المصري والناتج القومي ,  وستصبح مصر من اغنى بلاد العالم.فهناك تنافس شديد بين دول العالم لجذب المستثمر التعدينى الجاد. فقوه اقتصاد البلاد قائم على الانتاج وانخفاض البطاله و التعدين أهم الصناعات التى تؤدى إلى ذلك.  فعلى عكس الاعتقاد السائد ، بأن هناك مناجم وإحتياطى معادن غير مستغلة فى مصر,  الحقيقة هى أن هذا الاعتقاد اقتصاديا غير صحيح بالمرة , فالواقع  أنه على المستثمر الذى يريد أن يدخل هذا المجال أن يبدأ من أول السلم فى البحث عن المعادن ، و إن وجدها فعليه تحديد الإحتياطى ودراسة جدواها الاقتصادية وأمثل طرق لاستغلالها طبقاً للنظم العالمية وهذا يحتاج إلى خبره كبيرة ومال كثير . ثم بعد ذلك عليه توفير الأموال اللازمة لتنميه المشروع والتى قد تصل إلى عشرات المليارات.  لذلك من الضرورى أن يكون هناك نظام مالى وقانونى صحى حتى يتسنى تنميه تلك المشروعات. و يجب أن نعترف أنه لن ينمو قطاع التعدين فى مصر بدون جذب المستثمر التعدينى ذو الخبره والإمكانيات الماديه والعلمية. وان هذا المستثمر لن ياتى إلى مصر إلا إذا كان هناك ما يجذبه. وقد أثبت النظام الحالى القائم على الشراكه فى الارباح او الإنتاج  فشله التام منذ تطبيقه عام 1983. فعلى مدى 35 سنة , لم ينجح إلا مشروع واحد ,هو السكرى , و حتى هذا المشروع يعانى مشاكل بيروقراطيه يوميه. 

لذلك على الدولة أن تضع النظم اللازمة لجذب المستثمر الجاد و سوف يكون اصدار قانون تعدين شفاف خطوه كبيرة تجاه تحقيق هذا.
تطوير الثروة المعدنية فى مصر سوف يعود على البلاد بدخل سنوى لن يقل عن 1000 مليار جنيه ويوفر فرص عمل مباشر لمليون مصرى ومن ثلاثة لأربعة أضعاف هذا العدد على الاقل عماله غير مباشره ( اضاف منجم السكرى وحده ما يقرب من 4.5 مليار دولار للناتج القومى المصرى و وفر ما يقرب من 5000 ألاف فرصة عمل ) .
 كما سوف يؤدى إلى إنشاء صناعات جديدة فى مجالات الخدمات التعدينية والصناعات المكمله ، التى سوف توفر دخل آخر وفرص لعمالة أخرى .مصر سوف تكون المركز التعدينى لكل القارة الأفريقية ، الشرق الأوسط وجنوب أوروبا .
من الممكن أن يتحقق كل هذا فى خلال خمس سنوات فقط إذا بدأنا بقانون تعدين شفاف يضمن للبلد والمستثمر حقوقهم . ومصر سوف تبدأ فى جنى ثمار هذا القانون من السنه الأولى ، حيث سوف تبدأ من 150 إلى 200 شركة تعدين من ضمنها شركات التعدين العالمية العمل فورا , لكن للأسف غياب الوعى التعدينى مازال متمكن فى صانعى القرار المصرى , الذين يجهلون تماما مراحل المشروع التعدينى من الاستكشاف إلى التنمية والإنتاج,بدليل الشروط  الغريبة المنصوص عليها فى القانون 198 لسنه 2014.  
فغياب الوعى يسبب للمستثمر مشاكل عظمى فى الاسواق العالمية ,  حيث ان القيمه السوقيه للشركة تتأثر سلبيا لعملها فى بلد صعب.  ويسبب لمصر مشاكل اكبر كثيرا لرفض المستثمرين العمل بها.  هناك خرائط استثماريه للعالم موضح بها الدول الامنه للاستثمار. مستثمرى التعدين لهم خريطة خاصة من ثلاث ألوان ,  اللون الاحمر وهى البلاد التى لا يجب عليك ان تفكر فى الاستثمار بها تحت أى ظروف ,  اللون الاصفر وهى البلاد الممكن الاستثمار بها , بعد دراسة عميقة وحذر واللون الاخضر وهى البلاد التى يستثمر بها بدون حذر.

هناك ثروات تعدينية هائلة غير معروفه ( ليست مناجم ) فى سيناء والصحراء الشرقيه والغربية , كذلك فى المياه الاقليميه المصريه فى البحر الابيض والبحر الاحمر. اكتشاف هذه الثروات, سوف ينتج عنه بناء مناجم عالميه للذهب والفضة والنحاس والرصاص وغيرها من المعادن النادرة الأخرى وصناعات أخرى خدمية ومكمله لهذه المناجم. وكل ما هو مطلوب ان نجذب ونشجع المستثمر الخبير فى هذا المجال لاكتشاف هذه الثروات.


فحتى يتم اثبات وجود منجم اقتصادى من عدمه نحتاج لسحب ألاف العينات للتأكد من وجود الخام من عدمه .. ثم قياس مدى انتشار الخام فى الموقع و كميته و حساب الاحتياطى المؤكد ثم القيام بدراسات ميتاليرجية معقدة لتحديد الطريقة المثلى لاستخراج المعدن من الصخور وهو ما يختلف من معدن لأخر و من موقع لأخر , حيث انه من الوارد وجود المعدن بكميات اقتصادية لكن مع انعدام وجود طريقة فنية لاستخراجه فبالتالى لا وجود لمنجم من الاساس . 
يتلو ذلك القيام بدراسة الجدوى الاقتصادية و المالية و حساب تكاليف الانشاء من مصنع استخلاص و معدات و مرافق   و تكاليف تشغيلية دورية و مقارنتها بالسعر العالمى لكمية الاحتياطى المؤكد من الخام .. فلو كانت قيمة الاحتياطى اكبر من التكاليف , هنا فقط يمكن القول بوجود منجم , اما ان كان العكس فلا يمكن علميا او اقتصاديا القول بوجود منجم و لكن هى فقط حالة ( تمعدن ) .
البحث عن هذه الثروات فى حد ذاته سوف يخلق طفرة فى الاقتصاد وعمل مجدى مثمر لشباب مصر خريجى هذا المجال. سوف يدخل تكنولوجيا جديدة فى مجالات مختلفة فى هذه الصناعه. كما سوف ينشط ويمول الابحاث المطلوبة فى الجامعات والمعاهد البحثيه.
 الاكتشافات نتيجة هذا البحث سوف تخلق صناعات جديدة تنقل الاقتصاد المصرى لمقدمه الدول وتقضى على البطالة ,  فتقدم اقتصاد الدول قائم على زيادة الناتج القومى وخلق فرص العمل . هذا  للأسف ليست  وجهه نظر هيئه الثروة المعدنية وقانونها الجديد رقم 198 لسنه 2014 او لائحته التنفيذيه القائمين على الجباية فليس هناك جمله واحده فى القانون او لائحته التنفيذيه تجذب وتشجع المستثمر ان يعمل فى هذا المجال
التعدين صناعه عالمية , الشركات الجادة دائما امامها مشروعات تحت الدراسة فى دول متعددة وسوف تتجه فقط للمشروعات فى الدول الجادع التى تملك نظام شفاف وثابت. ولابد ان نعمل كل ما فى استطاعتنا ان تكون مصر من هذه الدول.

جميع بلاد العالم تعمل بنظام الضرائب و الاتاوه  والإيجار و تتبع قوانين تعدين شفافة تحفظ حقوق الاطراف حسب الاولويه للمتقدم. معظم هذه البلاد تعطى مزايا وحوافز تشجيعية للمستثمر التعديني  لأنه يعمل فى مجال خطر ,  قد ينجح فى الاكتشاف  او  لا, كما انه يعمل فى اماكن نائيه, ونجاحه سوف يعمر هذه الاماكن. هذا المستثمر لابد ان يعامل معامله خاصة وبمميزات مختلفة تماما عن المستثمر فى المجالات الاخري , كالصناعة او الزراعه او السياحة.
 تقدم اقتصاد البلاد مبنى على زيادة الناتج القومى والقضاء على البطالة. فى مصر يحدث العكس تماما , المستثمر فى المدن الصناعية كالسادس من أكتوبر أو برج العرب أو العاشر من رمضان , يحظى بمزايا افضل بكثير من المستثمر التعدينى الذى يعمل فى الصحراء.
 كما تصر الدولة على العمل بنظام المشاركه فى الانتاج او الأرباح  ,وهو أن يقوم المستثمر بتمويل مصاريف البحث بالكامل, إذا لم يجد المعدن الذي يبحث عنه, او وجده لكن بكميات او تركيز غير إقتصادى فهو يتحمل الخسارة كاملة. أما إذا نجح فعليه تمويل تكلفه التنمية بالكامل, ويقوم بدفع ضريبة اتاوه للدولة ومشاركه فى الارباح او الانتاج.
أدخلت مصر هذا النظام 1983.ولم يجذب إلا عدد محدود من المستثمرين الجادين , وعددهم فقط  7 شركات,   ثلاثة منهم وقعوا على الاتفاقيات ولم يحضروا . و ثلاثة شركات أخرى عملوا لفترة من الوقت ورحلوا .وشركه واحده هى الفرعونية لمناجم الذهب  هى التى  استمرت.

من الواضح مما سبق ان المستثمر الجاد لن يأتى إلى مصر , فمصر ليست جزيرة معزولة عن بقيه العالم, بل نحن جزء لا يتجزأ منه . تقدم بلادنا لابد ان يكون مبنى على قبولنا التحدى وإبداعنا عمليا وعلميا وتكنولوجيا. لابد ان نرفض وننبذ سياسة التبعية والمعونات والتسول.
أثبتت تجربه السكرى أن مصر من الممكن ان يكون بها مناجم عالميه للذهب والنحاس والرصاص والكروم والنيكل وغيره. لكن لن تكتشف هذه المناجم و تظهر للنور إلا إذا كان لدينا قانون تعدين  جاذب للاستثمار و للشركات العالمية و على مستوى قوانين التعدين فى باقى دول العالم  .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق