الأحد، ديسمبر 26، 2010

سامى الراجحى و مشروع منجم السكرى ...... قصة نجاح مصرية ( الجزء الاول )

يغذي حلم الذهب في مصر جبال السكري التي ترقد على كنوز من الذهب، وتبعد هذه الجبال 350 كيلومتراً عن مدينة الغردقة، وهي عبارة عن مجموعة جبلية تأخذ أشكالا هرمية شاهقة الارتفاع، تكاد تتلامس من القمة، وتفصل بينها مسافات تشبه الأودية في القاع.

وتقسو الطبيعة في هذه البقعة من العالم، فعند حلول وقت الظهيرة، تتأجج الحرارة القاسية وكأن أفرانا تنفث سخونتها في الجو، وليس الحال بأفضل فوق القمم الجبلية، إذ ان التيارات الهوائية الساخنة تنطلق من أسفل إلى اعلى وكأنها سحابة من الضباب، وتزيد المعادن الكامنة بالجبال من سخونة المنطقة.
ورغم قسوة الطبيعة، فان إغراء الذهب اقوى من أي صعاب، ويطلق هذا الإغراء نورا يهدي إلى استخراج ملايين الدولارات من طي النسيان، وهو ما يخفف من وطأة حرارة الجو التي تزيد على 50 درجة مئوية.

وتبدأ هنا قصة المستثمر المصري المهاجر إلى استراليا منذ نهاية الستينات والذي اكتشف العديد من كميات الذهب في استراليا.. وفي احدى زياراته لموطنه الأصلي، سأل الجيولوجي سامي الراجحي رئيس مجلس إدارة شركة سنتامين ايجبت وقتها أصدقاءه لماذا لا استثمر أموالي في مصر؟ قالوا: في أي مجال؟ أجاب: في التعدين طبعا.

وجاء ردهم عليه مفاجئا: لا يوجد في مصر تعدين بالمفهوم الاقتصادي؟!.. وهنا تملكته روح التحدي.. طالع الخرائط الجيولوجية.. استقرت عيناه على عدة مواقع بصحراء البحر الأحمر منها منطقة جبل السكري.. قام بزيارة الموقع.. كرر الزيارة.. ثم توالت الجولات المكوكية والتي أسفرت عن حصوله على عينات من الرمال والصخور.
ثم سافر إلى استراليا.. ومن هناك صرخ عبر الهاتف محدثا إلى احد أصدقائه وجدتها.. وجدتها.. الذهب ومعادن أخري أكدتها التحاليل المبدئية« وهنا أدرك الجميع أن المعادن الثمينة موجودة، وبحاجة إلى من يبحث عنها ويخرجها من مدفنها لترى النور.

التنقيب في جبال السكري

وبالتالي انطلقت وانتشرت فرق العمل فوق التباب الجبلية، وأخذت تعمل وفق برامج جيولوجية اشرف عليها الجيولوجي سامي الراجحي نفسه وكما يؤكد الجيولوجي محمد فرغلي فإنه بعد الاطمئنان إلى نتائج العينات السطحية تم عمل شبكة مساحية بتقسيم المنطقة إلى مربعات في اتجاه الشمال والشرق وتمت الاستعانة بحفارات عملاقة مستوردة من الخارج للقيام بمهمة الحفر.. وذلك باستخدام وصلات من مواسير ذات أقطار معينة يدفع بها الحفار إلى مسافات تصل إلى 400 متر في بطن الصخور.. وتخرج الوصلة الأخيرة بالعينة المستهدف الحصول عليها.

وكما يشير الجيولوجي بهاء صادق فقد تم إجراء جراحة بالآبار الاختبارية لعمق الصخور.. حيث حفر بئر اختباري كل مئة متر.. ثم بئر كل خمسين متراً.. ثم بئر كل خمسة وعشرين أكد تركيز الحفر بزيادة الآبار أن المناطق التي تختزن المعادن ممتدة تحت السطح وليست مقطوعة.. وهذا معناه ضمان الدقة في العينات المسحوبة، وضمان جدوى التشغيل.

وتم بالفعل توقيع اتفاقية للتنقيب بين الشركة والحكومة المصرية ممثلة في هيئة المساحة الجيولوجية وذلك عام 1994، وكما يشير يوسف الراجحي مدير عام الشركة فان الاتفاقية لا تقتصر على التنقيب عن الذهب فقط.. إنما الذهب والمعادن المصاحبة له بالصحراء الشرقية بمناجم أخرى غير السكري في كل من ابومروات والبرامية بمساحة إجمالية 5 آلاف كيلومتر مربع وبالتالي فقد تم اخذ عينات من جميع المواقع بهذه المساحة وأكدتها المعامل الاسترالية.

الدعم الحكومي
وبمقتضى اتفاق بين الطرفين، ستحصل الحكومة المصرية على ثلاثة في المئة من إجمالي مبيعات الذهب، إلا أن الشركة في المقابل لن تدفع ضرائب من أي نوع حتى عام 2030 وانه بمجرد أن تسترد سنتامين تكلفة استثماراتها فإنها ستقسم أرباحها الصافية من المنجم بالتساوي مع الحكومة المصرية.
والأرقام هنا لا تكذب ولا تتجمل، وهي تشير ـــ بحسب أقوال عصمت الراجحي المسؤول عن موقع جبل السكري وأحد المساهمين ـــ إلى أن مساحة الجبل تصل إلى 3000 متر مربع، ويسمي الجزء الذي يجري فيه العمل حاليا بموقع آمون على مساحة 500 متر، وشهدت هذه المساحة حفر 267 بئرا اختباريا، وبتحليل العينات ثبت معمليا أن نسبة الذهب الخالص تتراوح ما بين 2.5 ـ 3.5 غرامات في طن الصخور وهي نسبة عالية ومجدية اقتصاديا للغاية.

وذكر أن أعمال تنقيب أولية كشفت أن قطاعا ثانيا من التل الواقع في منطقة السكري على مسافة 805 كيلومترات جنوبي القاهرة، كشفت انه ربما يحتوي على أربعة ملايين أوقية أخرى من الذهب الممكن استخلاصه وقدر أن التل كله ربما يحتوي على 20 مليون أوقية من الذهب،

ويمكننا القول بأنه لم يكن الفراعنة القدماء أكثر حظا مما نحن عليه الآن من حيث الإمكانات التكنولوجية الهائلة التي باتت متوافرة لدينا وذلك حينما جاءوا الي الصحراء الشرقية بمحافظة البحر الأحمر منذ آلاف السنين سالكين الطرق الوعرة وغير عابئين بقسوة الحياة الصحراوية وعزفوا سيمفونية رائعة في البحث والتنقيب لإنتاج الذهب من نحو‏120‏ منجما شيدوها بهذه المنطقة حيثاإستطاعوا تحديد عروق الكوارتز الحاملة لهذا المعدن استخلصوه منها‏.‏ يومها كانوا يزينون به معابدهم وتماثيلهم وربما حلي لزوجاتهم ومن بين أبرز المناطق التي شرفت بالفراعنة في انتاج الذهب جبل السكري بنطاق مدينة مرسي علم وإلي جواره منطقة تسمي سكيب ومنطقة الفواخير علي بعد‏70‏ كم من طريق‏(‏ القصير ـ قفط‏)‏ وهناك محاولات أخري بعد ذلك لإستكمال مسيرة الفراعنة في هذا المجال ربما كان آخرها في الخمسينيات لكنها توقفت عام‏1954‏ لعدم الجدوي الإقتصادية من جانب ولأسباب أخري من جانب آخر‏.‏ولكن التاريخ يعيد نفسه من جديد وبشكل جدي للغاية وبعائد إقتصادي خيالي من شأنه دفع عجلة الاقتصاد القومي المصري حيث شهدت الأشهر الأولي من العام الحالى2010‏ تحرير شهادة ميلاد جديدة لإنتاج الذهب من جبل السكري ذلك الجبل الذي حباه الخالق بخاصية إحتواء الذهب والسكري يقع علي بعد‏35‏ كم جنوب مدينة مرسي علم وطوله ثلاثة كيلو مترات وعرضه يتراوح مابين‏600‏ الي‏700‏ مترا أما إرتفاعه فنحو‏315‏ مترا وقد توصلت آخر الأبحاث العلمية التي أجرتها الشركة الفرعونية للمناجم صاحبة الأمتياز الي أن جبل السكري يحتوي علي نحو‏20‏ مليون أوقية ذهب منها‏13‏ مليون أوقية مؤكدة و‏7‏ ملايين تحت التأكيد ومنذ بداية العام الحالى وحتي نهايته سيتم انتاج‏200‏ ألف أوقية تزاد الي‏600‏ ألف سنويا ليصل إنتاج المصنع خلال السنوات العشر القادمة الي انتاج ذهب قيمته‏13‏ مليار دولار بالأسعار الحالية‏:‏


ويقول العميد عصمت الراجحي مدير عام منجم السكري بمرسي علم بأنه جرى تركيب مصنع الانتاج علي أحدث ماتوصلت إليه التكنولوجيا فقد وصلت كل معداته علي أرض المشروع باستثمارات قدرها‏350‏ مليون دولار ومنها عشرة أجهزة حفر للاستكشاف وغيرها من المعدات الأخري وتم إقامة مدينة داخل الصحراء يعمل بها الآن‏2000 فرد وإنتهت الشركة من إنشاء خط مياه تكلف‏15‏ مليون جنيه لإستخدام المياه في ترسيب المعادن وتمهيد الطرق وشمل المصنع إقامة حجرة لإنتاج الذهب أما عن الجوانب الفنية المتعلقة باستخلاص الذهب من الصخور في بواطن الصحراء فيشير الي أن طن الصخر يحتوي علي جرامين فقط من الذهب بعد تكسيره لكن المعدات الحديثة إختصرت عمليات التكسير حيث لدي الشركة معدات تستطيع تكسير‏4‏ ملايين طن من الصخرشهريا بما يتيح إنتاج مابين مائة الي مائة وخمسين كيلو جراما شهريا والشركة التي تقوم بهذا المشروع هي شركة استرالية إلا أن رئيس مجلس إدارتها مصري الأصل صعيدي الجذور وهو سامي الراجحي يمتلك‏80%‏ من اسهمها وكان قد هاجر الي استراليا عام‏67‏ وخلال إحدي زياراته لمتحف بإيطاليا شاهد خريطة فرعونية تبين جميع مناجم الذهب الفرعونية في مصر خاصة بالصحراء الشرقية ومن يومها
تخمرت الفكرة في ذهنه فأراد أن يفعل شيئا في بلده وفي البداية صادفته عقبات بيروقراطية ولكن مع إنضمام قطاع الثروة المعدنية لوزارة البترول ووجود وزير البترول المهندس سامح فهمي بدأت عملية تذليل العقبات ودخل المشروع حيز التنفيذ وفقا للإتفاق الموقع بين الشركة والهيئة المصرية للمساحة الجيولوجية فإنه مع بداية الانتاج سوف تحصل الحكومة المصرية علي نسبة‏3%‏ من الإنتاج‏(‏ تحت بند إتاوة‏)‏ ونسبة‏97%‏ تسترد منها الشركة مصاريف الإنتاج والباقي بقسم بين الشركة وهيئة المساحة مع تحمل الشركة للضرائب ومن جانبه يري المحافظ مجدي القيعي أن هذا المشروع سوف يسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد القومي المصري وسوف يكون له مردود إيجابي علي زيادة معدل التنمية في مدينة مرسي علم ومجاوراتها حيث سيوفر نحو أربعة آلاف فرصة عمل خلال مراحله المتتالية‏.‏

و مقتفيا اثر اجداده قدماء المصريين يستكشف جوزيف الراجحي الصحراء الشرقية يحدوه الامل في العثور على مناجم الذهب التي صنعت مجد الفراعنة. فمنذ حوالي عشر سنوات يشرف هذا الاسترالي المصري الاصل على عمليات التنقيب التي تقوم بها شركة سنتامين التي تعمل حفاراتها على تلال جبل السكرى. ويقول الراجحي بفخر "لدينا حتى الان حقول مؤكدة تحوي 14 مليون اوقية من الذهب وهو ما يساوي بالسعر الحالي للسوق قرابة عشرين مليار دولار وهي موجودة في نصف تلة من المنطقة التي حصلنا على امتياز البحث فيها". بدأت مغامرة عائلة الراجحي في الصحراء الشرقية لمصر في التسعينات عندما استلهم الاب سامي الفكرة من لوحة بردي كانت معروضة في متحف تورين في ايطاليا. وربما تكون هذه اللوحة، التي يعود تاريخها الى 1200 عام قبل الميلاد، هي الخارطة الجيولوجية الاقدم في العالم وهي توضح اماكن المناجم التي كان الفراعنة يجلبون منها الذهب في الصحراء الواقعة بين النيل غربا والبحر الاحمر شرقا.

ويؤكد جوزيف ان الفراعنة جلبوا منها 55 مليون اوقية ذهب وهي كمية كبيرة حتى بالمقاييس الحديثة. وحصل سامي، الذي كان يعمل في استراليا في مجال البحث عن مناجم الذهب، على امتياز التنقيب في منطقة قريبة من قريته الاصلية واقام فيها شركته سنتامين. ويقول عصمت الراجحي عم جوزيف ومدير المشروع "انه شئ جميل ان تعود الاسرة للتنقيب عن الذهب هنا بعد ان تفرقت في مختلف انحاء العالم .. انها عودة الى الجذور". ويضيف الرجل الذي كان لواء في قوات الدفاع الجوي قبل ان يتقاعد ان "هذا الحقل سيغير خريطة الصحراء الشرقية". ورغم ان شركة استرالية اخرى هي جيبسلاند ليمتد تنقب عن الذهب في الصحراء المصرية فان الشركات الكبرى في هذا المجال لم تتحمس بعد لهذه المنطقة. ويشرح جوزيف الراجحي ان "العقبة الرئيسية هي قوانين استغلال المناجم في مصر. اننا نقوم بعمليات تنقيب منذ سنوات وانفقنا 30 مليون دولار من دون ان نحصل على اي عائد وقليل من الشركات مستعدة لمثل هذه المخاطرة". ووفقا للقوانين السارية والموروثة من عهد الرئيس جمال عبد الناصر (1952-1970)، فان نصف عائدات شركة سنتامين يجب ان تذهب الى الدولة. وتعتزم مصر بالتعاون مع فرع للبنك الدولي هو المؤسسة المالية الدولية اطلاق تعديل تشريعي في تشرين الاول/اكتوبر المقبل للانتقال الى نظام الريع الثابت، حسب ما قال المسؤول في هذه المؤسسة فرانك سادر. ويوضح سادر انه بعد هذا التعديل التشريعي سيتم عقد مؤتمر لدعوة المستثمرين الى العمل في مصر. وللاستفادة ويعتقد جوزيف الراجحي ان "قانونا جديدا للمناجم سيدفع الشركات الى التقاتل من اجل الفوز بحقوق امتياز في مصر".


وتسعى شركة سنتامين الى تنمية مشروعاتها. ويقول عصمت الراجحي "اننا على وشك توقيع اتفاق مع السلطات لاستئجار قطعة ارض كبيرة بالقرب من البحر (الاحمر) لانشاء مدينة السكرى حيث سنبني بيوتا للعمال ومدارس ومستشفى ومركزا للابحاث الجيولوجية".. ويضيف جوزيف ان "السكرى يعد الان بالفعل واحد من اكبر مناجم افريقيا". ويتابع وهو ينظر الى ادوات الحفر التي تستخدمها شركته "امل ان تكون لدينا قريبا في هذا المكان اكوام من المال".

هناك 3 تعليقات:

  1. ا.د.احمد محمد بشادي9 أبريل 2015 في 8:58 ص

    ان نجاح مشروعكم العظيم في منجم السكري و الذي اعتبره المنجم الحقيقي في مصر الآن ليدعو للفخر ولخبرتي في الخامات و التعدين و انتم واجهة مشرفه للمستثمر الواعي ادعوكم لمزيد من تلك المشروعات لأنها خير

    ردحذف
  2. ا.د.احمد محمد بشادي9 أبريل 2015 في 9:06 ص

    ان مشروعكم العظيم في منجم السكري وهو المنجم الحقيقي في مصر الآن و المبني علي العلم و الخبره يدعوني لدعوة كل مستثمر جاد واع فاهم في مجال التعدين ان يتتبع خطاكم و فقكم الله و اتمني الكثير منكم في هذا المجال

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا يا افندم لذوقك ... شرفت المدونة بحضورك الكريم

      حذف