الأربعاء، أبريل 27، 2011

كتاب سجون العقل العربى للمفكر الكبير د طارق حجى - الجزء الثامن ( كشف اللثام )


يُرَدد كثيرون في واقعِنا المصري مُلاحَظَتين يكادُ يكون من المُستحيل نفي وجودِ أيٍ منهما وهما : أولاً انتشار معالمِ التدينِ في واقعِنا مقارنةً بحالِنا منذُ قرنٍ من الزمانِ . والمُلاحظةُ الثانيةُ هى انتشارُ التوترِ وعُنف السلوك وعدوانيتهِ وتراجُع دماثة الأخلاق في التعامُلِ بين أفرادِ المُجتمعِ . ومن البديهي أن هناك تناقُضًا واضحًا بين طبيعةِ المُلاحظتين . فإذا كانت غلبةُ معالمِ التدين على الناسِ والسلوك والمُفرداتِ والمُناخِ الثقافي العامِ لم تمنع من تردي مستويات الخُلق والسلوك والمُعاملات بين الناسِ، فإن ذلك يعني بداهةً أن التدينَ (أو بالتحديد "هذا الفهم للتدينِ") ليس في صالحِ المُجتمعِ . ولا يدحض ذلك، أن هناك العديدِ من الأمثلةِ الأخلاقيةِ الرائعةِ بين المُتدينين (بهذا الشكل من التدين)؛ ولكنني أتكلمُ عن ظاهرةٍ عامةٍ وليس عن حالاتٍ فرديةٍ . والمخرجُ من هذا التناقُضِ هو في الاعتقاد بأن ما يُسمى بالتدينِ ليس تدينًا، وهذا ما أعتقده يقينًا وعلى أساسٍ من طولِ مُتابعةٍ ودراسةٍ وتحليلٍ . فالذي انتشر في واقعِنا هو الزي النسائي المُسمى بالزي الإسلامي
واللحى وخواتم الزواج البيضاء فى أصابع الرجال وعلامة السجود على جباه الرجال والعديد من المؤثراتِ المكتوبةِ والصوتيةِ والسمعيةِ التي تحملُ زخمًا من "ذهنيةِ الطقوس" . وإذا كان من حق البعض أن يعتبر أن ذلك تدينًا، فإن من حق البعض الآخر (مثل كاتب هذه السطور) أن يزعُم أنه لا علاقة لكل تلك المعالمِ والصخبِ والمظاهرِ بالتدين . فالتدينُ يتعلق بالخُلُق الرفيع وأن يكون الإنسانُ مُفيدًا للمُجتمعِ وللآخرين ومُتسمًا بصفاتٍ أخلاقيةٍ راقيةٍ مثل العطاء والتسامُح
والعون للآخرين والإخلاصِ في العملِ وإتقانهِ أما المعالمُ السابق ذكرها فظواهرٌ ترجع عندي لأسبابٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وإجتماعيةٍ وتعليميةٍ وثقافيةٍ ونفسيةٍ من الميسورِ رصدها . وبحسبِ منطقِ المدرسةِ الوضعيةِ في الفلسفةِ (أوجست كونت)
فإنه ليس من حقِ البعض أن يقول إنه "بمزيدٍ من هذا التدين سوف تستقيمُ الصورة"، لأن التجربةَ العملية تؤكد أنه بمزيدٍ من "هذا التدين" قد تزداد الصورةُ استغراقًا في ذاتِ الملامحِ من تدني الأخلاقِ العامة وذيوعِ العُنف والغضب في شتى صورِ السلوكِ . والحقيقةُ أن منبعَ "هذا التدين" يأتي من عدةِ مصادرٍ : فأكثرُ من نصفِ قرنٍ من عدمِ المُشاركةِ السياسيةِ أو من المشاركةِ السياسيةِ الصوريةِ هي من مصادرِ "هذا التدين" الصوري (والطقوسي المظهري) وأكثر من نصفِ قرنٍ من التردي الاقتصادي وتآكل الطبقة الوسطى هو من منابعِ "هذا التدين" ... وخروجُ المنظومةِ التعليميةِ المصريةِ عن سياقِ العصر وهبوطُها لمستوياتٍ متدنيةٍ من الانعزالِ عن التقدمِ والاتسامِ بكل عيوبنا الثقافيةِ وتحرُكنا الحثيث تجاه التقوقعِ والتعصُبِ وعدمِ تفعيلِ العقلِ النقدي كانت ولا تزال من أهم منابع "هذا التدين" ... كما أن أكثر من نصفِ قرنٍ من الأوليجارشيات المتنوعة (أي تحكُم أقلياتٍ مُختَلفةٍ في قيادة المُجتمع سياسيًا واقتصاديًا) هي كذلك من منابع "هذا التدين" ... ويُضاف لكل ما سبق أن ما حاقَ بغير قليلٍ من مكونات المؤسسةِ الدينيةِ من تراجُعٍ في النوعيةِ والمستويات وكذا غزوها برياحٍ فكريةٍ هَبَّت عليها وعلينا من الشرق
كانت (بنفس الدرجة) من منابعِ "هذا التدين"، ويمكن أن يضاف أن خلو الساحة من إمكانية الانتماء لأي شيء غير "هذا التدين" قد أتت "لهذا التدين" بأعدادٍ كبيرةٍ من أبناءِ وبناتِ المجتمـع- فالانتماءُ "لهذا التدين" هو الملاذ السيكولوچي لمن ليست أمامه جهةٍ أُخرى لينتمي لها (أمل أو طبقة أو طموح أو حزب أو واقع أفضل أو نموذج ثقافي مُعين) .

كلُ إنسانٍ في الكونِ (باستثناء ثُلةٍ صغيرةٍ من الناسِ تنتمي لأفكارِها هى ولمبادئهـا ولنسقهـا القيـمي) في حاجةٍ لانتماءٍ ما . ويأخذُ هذا الانتماءُ في المُجتمعاتِ المُتقدمةِ ذات المستويات الحياتية الأرقى والأرفع أشكالاً عدة . فهُناك من ينتمي لنجاحاتهِ الخاصة وهُناك من ينتمي لحزبٍ سياسي وهُناك من ينتمي لطبقةٍ مُعينة بثقافتها ونسقها القيمي وهناك من ينتمي لتيارٍ فكري أو ثقافي مُعين . ومن خلالِ هذا الانتماء يُحقق الإنسان إرضاءًا واكتفاءًا لازمين لكل إنسان من بني البشر. ويُمكن استعمال هذا التفسير لفهم إنتماءِ المصريين للحركةِ الوطنية التي قادها سعدُ زغلول منذُ قُرابة تسعين سنة
، كما يُمكن أن تُفَسِر لنا علاقة مُعظَم الشعب المصري بالمشروع الناصري منذُ عقودٍ قليلةٍ
. ففي الحالتين كانت هُناك "جبهةٌ" قابلةٌ لجذبِ قطاعاتٍ واسعةٍ من المُجتمعِ لها وللارتباطِ بها، بصرفِ النظرِ عن مدى نجاح كل منهما في الوفاءِ بعهودهِ وتحقيقِ شعاراتهِ .

عند اختفاء هذه "الجبهات" التي تجذبُ اهتمام وطاقة وولاء وارتباط مُعظم أبناء وبنات المُجتمع، فإن الساحة تكون مفتوحة على مصراعِيها لانتماءٍ آخرٍ هو من جهةٍ الأكثر جاذبية ومن جهةٍ ثانية الأكثر إراحة ومن جهةٍ ثالثة فإن اتسامَه بالعمومياتِ وعدم الدقة في التحديدِ يُناسب المتوسط العام للتكوينِ الثقافيِ لأبناءِ وبناتِ المُجتمع . فبينما يتطلب الانتماءُ (مثلاً) للعقيدة الماركسية درجة وعي وثقافة وذكاء أعلى من المستوى المتوسط
فإن الانجذابَ لجبهةِ الشعاراتِ الدينية لا يتطلب ذلك .

وخُلاصةُ الرسالة هُنا أن جاذبيةَ الشعاراتِ الدينيةِ (والتي هى في اعتقادي سياسية محضة وليست دينية) إنما ترجع لتآكلِ وخفوتِ أدوارِ جبهاتٍ أُخرى تعملُ عملها في مُجتمعاتٍ غير مُجتمعنا كما أنها كانت أكثر فاعلية في مراحل أُخرى من مراحلِ تجربتنا المُعاصرة خلالَ القرنين الأخيرين .

ومن الجديرِ بالتوضيح أن التدينَ الطقوسي (وأكبر الأمثلةِ عليه ما هو معروض في كتابات رجالٍ مثل ابن تيمية
وبن قيم الجوزية وفي كتابات وتطبيقات محمد بن عبد الوهاب والتجارُب المُستقاةِ من مدرستهِ) يشتغلُ على "خارج الإنسان" وليس على "داخل الإنسان" . فهو يشبه نظام المرور الصارم الذي يقولُ للناسِ ما الذي يمكن أن يفعلوه وما الذي ينبغي ألا يقترفوه، وهى مدرسة في التفكير قد تُناسب الجماعات البدائية ذات الحظ النحيل من التعليمِ والثقافةِ والإدراك، ولكنها لا تُناسب المُجتمعات المُعاصرة المُتحضرة والمُتمدنة . وتبدو الجماعات المحكومة بهذا النظام الصارم (مُنضبطةً) "من الخارج"، ولكنها "من الداخل" تكونُ عامرةً بالأخطاءِ والانحلالِ . فهى تُعامل الناس كحيواناتِ السيرك المُدربة بالعصا والعُنف. أما التدينُ بالمعنى الذي يفهمه على سبيل المثال المُسلمون من المتصوفة

والمسيحيين والبوذيين، فإنه يشتغل على "الداخل" ويهتم بتغليب الطبيعة الخيرة في النفس البشرية على جوانب الطبيعة السيئةِ والعنيفةِ والشريرةِ والعدوانيةِ في ذات النفس البشرية . وليس من مُصادفة أن تكونَ المُجتمعات الأكثر صرامة بين المُجتمعات الإسلامية في الضبطِ والربطِ الديني "من الخارج" هى أكثر هذه المُجتمعات انشغالاً (كلما أُتيحَت الفُرصة) بالجنس والنساء واللهو والعبث
، وكُلها مما يحاول النظام ضبطهُ "من الخارج"، ولكن نظرًا لفشله في التعامُل مع "الداخل" فإنه يخلقُ حالةً من الثُنائيةِ والازدواجية وانفصال ما يُقال في العَلَن عما يُفعَل خفيةً بشكلٍ قد لا يكون له مثيل مُشابه في العالم بأسرهِ .

ويعتقد البعضُ في الدولِ التي استشرى فيها "التطرفُ" الذي يستمد شعاراته من الدين الإسلامي أن "فكرًا معينًا" هو الذي يولِّد هذا التيار، وأن الظروفَ المعيشيةِ ليست هي منبع هذا التيار . ويعتقد هؤلاء أنهم على حقٍٍ عندما يضربون الأمثال بمجتمعاتٍ فقيرةٍ إلاَّ أن "تيارَ التطرفِ" (والذي يسمي نفسه بالإسلامي) لم يتعاظم فيها . وفي المقابل، فإن البعض يعتقد أن الظروفَ المعيشيةِ هي "المفرخةُ" الأساسية لفكرِ وتيارِ وحركةِ التطرفِ . ويعتقد أصحابُ هذه النظرة أن الظروفَ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ هي المسئولُ الأول عن المناخِ الذي يُنبت تيار التطرف .



وعادةً ما تكون حكوماتُ العالمِ الثالثِ (حيث يوجد التيار الأصولي المسمى بالحركة الإسلامية) من أنصارِ وجهةِ النظرِ التي ترى أن "التطرفَ" فكرةٌ خبيثةٌ يروج لها البعضُ بدوافعٍ ولأغراضٍ سياسيةٍ وأنها لم تنتج عن الظروفِ المعيشية . وعادةً ما يكون المثقفون بوجهٍ عام وأولئك الذين يعطون العناصر الاجتماعية الوزن الأكبر من أنصارِ وجهةِ النظرِ التي ترجع التطرفَ للظروفِ المعيشيةِ .

وإذا كنت قد أوليت موضوع الأصولية الإسلامية آلاف الساعات من وقتي وقراءاتي ومتابعتي بما في ذلك المتابعةِ التي يصح أن توصف بأنها "متابعةٌ ميدانيةٌ" – فإنني أَعطي نفسي الحقَ في الاجتهادِ في هذه المسألةِ وأقول إن الحركةَ الأصوليةِ الإسلامية نتجت واستشرت بفعل العاملين الذين يعتقد فريقٌ من المحللين أن أحدهما هو المسئول الأوحد بينما يعتقد فريقٌ آخر أن ثانيهما هو المسئول الأوحد . فالحقيقة – في اعتقادي – أننا يجب أن نميِّز بين "وجود فكر الأصولية الإسلامية" وبين "انتشار تيار الأصولية الإسلامية" انتشارًا واسعًا في مجتمعٍ من المجتمعاتِ .

أَما "وجود فكر الأصولية الإسلامية" فيرجع لوجودِ المفكرين الذين يؤمنون بالمرجعيةِ الدينية (الإسلامية في هذه الحالة)
كأساسٍ لتنظيمِ المجتمعِ بكل ما تعنيه عبارةُ "تنظيمِ المجتمعِ" من معانٍ ودلالاتٍ . ومما لا شك فيه أنه من الطبيعي أن يوجد في أي مجتمعٍ توجد به أغلبيةٌ سكانيةٌ مسلمة "فكرٌ" يرى أن إصلاحَ حالِ المجتمع وتنظيم شئونه ينبغي أن يكون على أساسٍ من المرجعية الدينية . ولكن من الطبيعي أيضًا أن يكون هذا الفكرُ مجردَ "تيارٍ واحدٍ" ضمن تياراتٍ فكريةٍ أخرى في المجتمع ومن الطبيعي أيضًا أن يكون تيارًا محدودًا إلى جوارِ التياراتِ الأخرى التي تنتمي للحاضرِ والمستقبلِ . أما "انتشار تيار الأصولية الإسلامية" بين أعدادٍ كبيرةٍ من أبناءِ وبناتِ مجتمعٍ معينٍ فأمرٌ لا يرجع إلاَّ للظروف المعيشية أي للعواملِ الاقتصاديةِ / الاجتماعيةِ والتي يكون تخلفُها داعيًا لأصحابِ الفكرِ المسمى بالإسلامي لكي يروجوا لنظريتهم بصفتها "المنقذ" من براثنِ الواقعِ بما يتسم به من ظروفٍ معيشيةٍ مترديةٍ .

وفي اعتقادي أنه من الطبيعي أَن تُكرر حكوماتٌ عديدةٍ في دولِ العالمِ الثالثِ أن التطرفَ ليس إلا ورمًا فكريًا خبيثًا وأنه لا يرجع للظروفِ المعيشيةِ، لأنها ليست بوسعها إلا أن تقول ذلك، لأن اعترافها بأن الظروفَ المعيشيةِ هي التي ولدت وأنتجت ودعمت انتشار هذا التيار سوف يجعلها تعترف في نفسِ الوقتِ بفشلها في إدارةِ المجتمع ذلك الفشل المتمثل في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والذي في ظله أمكن لفكرِ الأصوليةِ (المحدود والمتواضع على المستوى النظري والفكري) أن يقيض له الذيوعَ والشيوعَ بين أعدادٍ كبيرةٍ من أبناءِ وبناتِ المجتمع .

وفي اعتقادي، أن وجودَ الفكرِ الأصولي في حد ذاته ليس بذي خطرٍ كبيرٍ . فالفكرُ الأصولي الإسلامي يفتقد لأيةِ قدرةٍ على الانتشارِ وجذبِ الأتباعِ والمؤمنين به بمعزلٍ عن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إذ أنه (بكل المعايير) فكر بسيط تجاوزه الزمنُ والعلمُ . وأنا لا أقصد هنا "الدين" وإنما "فكر الأصوليين" وهو عمل بشري لا قدسية له ولا يملك أصحابُه أن يقولوا إنه هو "الدين ذاته" وإنما هو "فهمهم الخاص للدين" .

وفي اعتقادي أن الخطورة تكمن كلها في الظروف المعيشية . ففي ظلِ ظروفٍ معيشيةٍ مترديةٍ تخلفت فيها الدولةُ عن تقديمِ أساسياتِ الحياةِ من الرعايةِ الصحيةِ والتعليمِ وسلسلةِ الخدماتِ الأساسيةِ لوجودِ حياةٍ كريمةٍ
، في ظلِ ظروفٍ من هذا النوع يتقدم الأصوليون بسلسلةٍ من الخدماتِ في هذه المجالات ومعها "فكرهم الأصولي" وكأن ما يقدمونه من خدماتٍ هو جزءٌ لا يتجزأ من فكرهم الأصولي – والحقيقة أنه لا توجد أية صلة بين ما يقدمونه من خدمات طبية وتعليمية ومجتمعية وبين فكرهم الأصولي – وإنما هي مكيافيلية سياسية في المقام الأول تلك التي جعلتهم ينتهزون فرصة تردي الظروف المعيشية ويقدمون سلسلة من الخدمات مع تقديم موازٍ لفكرهم الأصولي .

وفي اعتقادي أن مواجهةَ حركاتِ التطرفِ بالأدواتِ والوسائلِ الأمنيةِ (رغم ضروريتها وأهميتها) لا تقدم أيَ حلٍ للمشكلةِ من أساسِها . فالوسائلُ الأمنية هنا تشبه من يقطع فروعَ الشجرةِ مع بقاءِ الجذعِ والجذورِ . وقد يكون قطعُ الفروعِ في أوقاتٍ ومراحلٍ معينةٍ ضروريًا لأبعدِ الحدودِ حتى لا يفقد المجتمعُ ذاته ويسقط في يد الأصوليين الذين لا فرصة معهم لإقامةِ مجتمعٍ مدني أو عصري أو متقدمٍ من أية وجهة نظرٍ ناهيك عن فقدان الأمل نهائيًا في الحرية والديموقراطية وحقوق الآخرين .

ولكن من المؤكد أن التعامل بالوسائلِ الأمنيةِ فقط يسمح بنكساتٍ لا يمكن تجنبها بشكلٍ مطلقٍٍ . وأعتقدُ اعتقادًا جازمًا أن وضعَ الدولةِ لخطةٍ محكمةٍ لكي تقوم بكلِ الخدماتِ التي ينتظرها أبناءُ وبناتُ المجتمعِ منها هو الوسيلةُ الوحيدةُ لحصرِ تيارِ الأصوليةِ في حدودِ الاهتماماتِ الفكريةِ (المتواضعة للغاية) لعددٍ قليلٍ من أبناء المجتمع . وأعني هنا أن سحبَ البساطِ من تحتِ أقدامِ الأصوليين
عن طريقِِ قيامِ الدولةِ بما يقدمه الأصوليون من خدمات يجعل ثمانية أو تسعة من كلِ عشرةِ أشخاصٍ ممن كان من المحتمل انجذابهم لدعوةِ تيارِ الأصوليين ينصرفون عن هذا التيار وشعاراته الجذابة والتي لا تستند على أي فكرٍ عميقٍٍ أو تجاربٍ ناجحةٍ .
وسيبقى واحدٌ أو اثنان تنطلي عليهما تلك الأفكارُ البسيطة والتي لا أساس لها من المنطق أو التجربة، وهو أمر طبيعي، فالخطورة في جذب الاعداد الكبيرة (بفعل الظروف المعيشية) وليس في وجود جيوب صغيرة من المؤمنين بفكر لا يملك بدون الظروف المعيشية المتردية أن يجذب إلا أعدادًا صغيرة من أصحاب الاستعداد الشخصي للميل لأفكارٍ انفعاليةٍ تميل للشطط دون أن يكون لها حظ من العلم أو المنطق أو التجربة الناجحة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق